Documents écrits

Il faut s’exercer à lire, voici des textes divers

محمّد شكري

عيّنوني في مدرسة الحيّ الجديد للبنين و البنات . أسندوا لي القسم التحضيري القسم ، في جانب من الساحة ، براكة من خشب تقطر في الشتاء. أكثر من أربعين تلميذاً في كلّ سنة  بائسون ، وسخ ، جوع و مرض

:أرفع قلماً في يدي و أسأل

ما هذا ؟

:يجيبون جماعة

  • ما هذا ؟

باس تلميذ تلميذة فكانت مشكلة . ولِكيْ أردّ لها الاعتبار أمرتها أنْ تبوسه هي أيضاً فكفّتْ عن البكاء

:إنّها محنة الجهل في بداية الستينات

من يُعَلِّم و من يتعلّم . بعضهم لا دفتر له و لا قلم . وجباتهم لا يتناولونها بانتظام. بيْنهم واحد أحمق سمّاه التلاميذ “طمخوخ ” . يجلس دائما في الصف الأوّل . يُسلّي التلاميذ  . كلّ القسم يضجّ بالقهقهات . ينام و يستيقظ في القسم متى يشاء و يخرج و يدخل متى يشاء , قد يخرج ولا يعود فأرتاح

:زارني مفتّش التعليم، شكوْت له حمق طمخوخ و لم يصدّق. اقترب منه

  • أنت بعقلك، علاش كتعمل الفوضى ؟

.وما إنْ وضع يده مُرَبِّتاً على كتفه حتّى انْقضّ على يده و عضّها

من زمن الأخطاء لمحمّد شكري. ، بتصرّف

سلوى بكر

الثامن من شهر مارس

رحّب الاستاذ بالناظرة وقدّم لها مقعده لتجلس ثم كتب على السبّورة وبخطّ كبير:” المرأة والحياة.” أخذت الناظرة تقرأ في دفتر الأستاذ كلاما مطوّلا عن أهميّة المرأة في المجتمع وذلك بمناسبة الاحتفال باليوم العالميّ للمرأة. ولاحظت أنّ المدرّس لم ينس الاستشهاد بنساء النبيّ ونساء العرب الشهيرات ومنهنّ هند بنت النعمان والخنساء وزبيدة زوجة الرشيد وأد ركت الناظرة أنّ المدرّس سيختم موضوعه بعبارة الشاعر حافظ إبراهيم الشهيرة: “الأمّ مدرسة”…الخ

وبينما الأستاذ يتكلّم إذ بالولد أسامة عبد الفتّاح يصيح قائلا: “بعد إذنك يا أستاذ محمّد ماسك حمامته ومحصور.” احمّرت أذنا الأستاذ وارتفعت ضحكات التلاميذ فصرخ الأستاذ:” اسكت يا حمار” ولكنّ الولد أسامة كان صادقا، متحمّسا، شجاعا فواصل كلامه” والله العظيم يا أستاذ هو محصور وبلّ هدومه.» ابتلع الأستاذ غضبه وابتسم بالضرورة وقال صائحا: طيران طيران يا زفت

مقتطف من ” عجين الفلاحة” بتصرّف لسلوى بكر

مصطفى شعبان

يعود رحّال في المساء والمحفظة في يده. يوم آخر في باريس وصباح آخر.. ينظر إلى الحجرة، كل شيء في  مكانه، الطاولة هي هي، أواني الفطور مازالت في مكانها، إبريق الشاي لاصق على الصينيّة

 أفتح المذياع، لأمزق صمت الحجرة، فأبعث الحيوية في نفسي وفي حجرتي. أصادف نشرة تقول:  لقد وجدوا ثلاثين حرَّاقا داخل مأوى للعمال

  يمرّ المذيع على النبأ بسرعة، ينتقل إلى خبر آخر. ثلاثون رحّالا نقصت مرة واحدة ! لأي بلد يعود أصلهم؟ كيف تمّ ترحيلهم ؟ بالطائرة ؟ بالباخرة ؟

 أنتظر أن يعيد المذيع الخبر بتفصيل، يرسل الموسيقى. أبحث في الموجات هنا وهناك، أتمتم ولا أعرف ما أقول . أفكر أن أضع حدّا لهذا القلق وﺃترك باريس وأعود إلى بلدي

  إِنّ أهل البلدة، يعرفون فرنسا يا رحّال من خلال السيارات الفخمة التي تأتي في شهر يوليوز وغشت ويعرفون فرنسا من خلال الموسيقى التي تنقلها الإذاعات ومن خلال حوارات دروس اللغة الفرنسية

 – Monsieur Dubois joue avec son chien dans le jardin

إن صورة فرنسا الجميلة يدافع عنها كل واحد من خلال ما سمع وتعلم، وكثيرون يريدون أن يركبوا البحر كما ركبته .  كيف سيصدق أهل البلدة!؟  إن عدت وحكيت عن الذين بدون  مأوى – SDF- وعن الميترو الذي تحول إلى ساحة “جامع الفنا”  من كثرة التسول و الغناء والفكاهة والمرض “

من أمواج الروح  لمصطفى شعبان. ، بتصرّف

الطيّب صالح

ذكريات من السودان

كنت ألعب مع الصبية خارج دارنا فجاء رجل على فرس، في زيّ رسميّ. وسألني عن اسمي فأخبرته

: قال لي

    كم عمرك؟-

 لا أدري –

 هل تحبّ أن تتعلم في المدرسة؟-

 ما هي المدرسة؟-

 بناء جميل من الحجر وسط حديقة كبيرة على شاطئ النيل. يدقّ الجرس وتدخل الفصل مع التلاميذ. – [..]تتعلّم القراءة والكتابة والحساب

قلت للرجل:  أذهب إلى المدرسة

أردفني الرجل خلفه وحملني إلى مكان كما وصفه من الحجر، على ضفّة النيل، تحيط به أشجار وأزهار. ودخلنا على رجل ذي لحية يلبس جبّة. قام وربّت على رأسي وقال لي : أين أبوك؟

. قلت : أبي ميّت

 من وليّ أمرك؟-

. أريد أن أدخل المدرسة –

تعلّمت الكتابة في أسبوعين وانطلقت بعد ذلك لا ألوي على شيء. [..] طويت المرحلة الأولى في عامين وفي المدرسة الوسطى اكتشفت ألغازاً أخرى منها الإنكليزيّة. فمضى عقلي يعضّ ويقطع كأسنان محراث. الكلمات والجمل تتراءى لي كأنّها معادلات رياضية. والجبر والهندسة كأنّها أبيات شعر.

 العالم الواسع أراه في دروس الجغرافيا كأنّه رقعة شطرنج. كانت المرحلة الوسطى أقصى غاية يصل إليها المرء في التعليم تلك الأيّام.

: وبعد ثلاثة أعوام قال لي ناظر المدرسة وكان إنكليزيّا

هذه البلد لا تتّسع لذهنك، فسافر. اذهب إلى مصر أو لبنان أو إنكلترا. ليس عندنا شيء نعطيك إياه بعد – الآن

قلت له على الفور : ” أريد أن أذهب إلى القاهرة”

(بتصرف) موسم الهجرة إلى الشمال للطيّب صالح

طه حسين

كان الصبي يذهب إلى الكتاب ويعود منه وهو واثق بأنّه قد حفظ القرآن وسيدنا مطمئن أيضـا، إلى أن كان اليوم المشؤوم … ذاق فيه الصبيّ لأوّل مرة مرارة الذل

عاد من الكتّاب عصر ذلك اليوم مطمئنا راضياً، ولم يكد يدخل الدار حتى دعاه أبوه بلقب الشيخ وأجلسه في رفق [وكان الأب مع صديقين له] وسأله أسئلة عادية، ثم طلب منه أن يقرأ “سورة الشعراء” فوقع عليه السؤال كالصاعقة ، ففكّر واستعاذ بالله من الشيطان الرجيم ، و سمى الله الرحمان الرحيــــــم و تذكر أوّلهـا ” طسم” ، فأخذ يردد ” طسم ” مرة و مرة ومرة ، و فتح عليه أبوه بالكلمة الثانية من سورة الشعراء، فلم يستطع أن يتقدم خطوة، قال أبوه : فاقرأ سورة النمل فذكر أنّ أوّل سورة النمل كأول سورة الشعراء ” طسم ” ، و أخذ يردد هذا اللفظ ، وفتح عليه أبوه، فلم يستطع أن يتقدّم خطوة … قال أبوه : فاقرأ سورة القصـص فـردّد: “طسم “، ولم يفتح عليه أبوه هذه المرة ، ولكنّه قال له في هدوء : قم ، فقد كنت أحسب أنّك حفظت القرآن . فقام خجلاً يتصبب عرقاً ، و مضى لا يدري أيلوم نفسه لأنّه نسي القرآن ، أم يلوم سيّدنا لأنه أهمله ، أم يلوم أباه لأنه امتحنه

مقتطف بتصرف من كتاب الأيام لطه حسين

عبد الرحمن منيف

الليلة الأخيرة

لم ينتبه إليه أحد حين وقف على المنصّة الخشبية، في أقصى صالة الطعام. صفّق بيديه مرّتين، فتوقّف الجميع عن الأكل، وتطلّعت إليه العيون حيث كان يقف. بدا بشعره الأبيض كتمثال شمعي له ابتسامة واسعة. فرك يديه، تاركاً للصمت أن يحدث تأثيره، ثمّ قال بهدوء تعوّده لفرط ما ردّد مثل هذه الابتسامة والكلمات

-باسم الإدارة أرحّب بكم، وأرجو أن تتذكّروا الفترة التي قضيتموها هنا، وتعودوا مرّة أخرى، كما أرجو أن تذكروا لأصدقائكم فيأتوا

سيّداتي، سادتي: اليوم آخر أيّام إقامتكم، وإدارة الفندق إذ يعزّ عليها أن ترحلوا بهذه السرعة، تعلن عن مفاجأتها الكبيرة لهذه الليلة، لتكون أقوى ذكرى.. سوف نقيم حفلة تنكّرية، ويمكنكم أن تشتروا الأقنعة أو أيّة أشياء تحتاجونها من المقصف

تبدأ الحفلة في العاشرة.. وقد تنتهي في السادسة موعد السفر! شكراً وإلى اللقاء في العاشرة

عن “قصّة حبّ مجوسية” لعبد الرحمن منيف

نجاة غفران 

تهرّبت دائماً من دخول هذا العالم، رغم أنّني فكّرت مراراً في أنّ عليّ أن أعرف على الأقلّ كيف يدخل الناس إليه وماذا يفعلون وكيف يخرجون…

قرّرت إذن في النهاية أن أخوض التجربة، ودفعت ذات صباح مُشمس باب المركز الزجاجي الأنيق ودخلت. كنت في بداية الأسبوع الثاني من إجازتي السنوية. لم أجد في البيت ما يشغلني. برامج التليفزيون مملّة ومشابهة وأغلب صديقاتي مشغولات. أنهيت الرواية التي كنت أقرأها، ولم تكن هناك أعمال منزلية تتطلّب انشغالي، حتى النعاس لم أكن أشعر به. لم يبق لي إذن غير الإنترنت

رحّب بي الأستاذ حسن وبدا مندهشاً رغم ذلك

جلست وبقيت أحدّق في الكمبيوتر بغباء. كلّا! لم أكن غبية إلى أقصى حدّ. شغّلت الجهاز. لدينا مثله في الصيدلية وأعرف كيف أتعامل معه

عاد الأستاذ حسن وبدأ يشرح لي ما هو الإنترنت، وكيف أختار وأشغّل محرّك البحث، وكيف أفتح موقعاً، وكيف أنتقل من صفحة إلى صفحة… كل ذلك بسرعة شديدة وبصوت مرتفع أكثر مما ينبغي… هكذا قدّرت

كان يردّد كل حين: “مفهوم؟ مفهوم؟”. عرف كل من في الجوار أنّني جديدة

تنحنح الجالس قربي، شابّ نحيل يضع نظّارات سميكة وعرض عليّ المساعدة. سألني أين أودّ أن “أبحر”، ولم أعرف ما أقول. اقترح عليّ مواقع فنيّة وثقافية ورياضية، وأخرى مُسلّية. ثمّ أكّد لي أنّ أكثر ما يجلب الناس إلى الإنترنت بشكل عامّ هو التعارف. أيّ تعارف؟ سألت. وجاءني الردّ لبقاً: التعارف مع أشخاص من ثقافات مختلفة وبلدان بعيدة ومتنوّعة ومناقشة أفكار وقضايا مهمّة”. جذبتني الفكرة وسارعت بمساعدة جاري إلى تنفيذها

فركت عينيّ بعد حين بتعب، أهذا هو الإنترنت؟! صداع ووجع رأس وتعب عينين ورأس وتعب عينين وبحث لا ينتهي، وتعارف من نوع عجيب؟

بين عشرات الأشخاص الذين تحاورت معهم، هذا الذي يسمّي نفسه قيساً. لا يكفّ عن إرسال الرسائل العجيبة

اختلست نظرة لشاشة جهاز جاري. كان قد انتهى من كتابة بضعة أسطر ختمها بإمضائه، قيس

تركت مكاني بغضب وغادرت المركز

حقاً… إنّه عالم آخر. عالم مجانين، يبدو أنّ التكنولوجيا لا تنفع معي. صمّمت على ألّا أدخل المكان مرّة ثانية 

نجاة غفران (بتصرّف)  مجلة سيدتي26/8/2000